قلعة الشوبك
تم إدراج قلعة الشوبك على قائمة التراث في العالم الإسلامي عام 2024م.
تم إعتماد المعايير التالية في عملية ترشيح مدينة قلعة الشوبك:
المعيار الثالث
"أن يقف شاهداً فريدًا أو على الأقل استثنائيًّا على تقليد ثقافيّ أو حضارة لا تزال حيَّة أو حضارة مندثرة".
المعيار الرابع
"أن يكون نموذجًا بارزًا لنمط من البناء، أو لمجمع معماريّ أو تكنولوجيّ أو لمنظر طبيعيّ يمثل مرحلة أو مراحل مهمة من التّاريخ البشريّ".
المعيار السادس
" أن تقترن على نحو مباشر أو ملموس ﺑﺄحداث أو تقاليد حية، أو ﺑﺄفكار، أو بمعتقدات، أو بمصنفات أدبية أو فنية ذات أهمية عالمية ﺑﺎرزة (ترى اللجنة أنه يُستحسن استخدام هذا المعيار مقترنا بمعايير أخرى)".
مقدمة
تبعد الشوبك عن جنوب العاصمة الأردنية عمّان بقرابة 230كم، تحيط بها الأودية من الجهات الأربع.
وصفها ياقوت الحموي والبغدادي أنها قلعة حصينة في أطراف الشام بين عمّان وأيلة والقلزم قرب الكرك، وذكرها أبو الفداء والقلقشندي على أنها قرية صغيرة فيها بساتين كثيرة وعيون ماء كثيرة ينبع من أسفل القلعة عينا مياه.
في الفترة النبطية كان للموقع أهمية استراتيجية إذ قام العرب الأنباط ببناء حصن عسكري فيه؛ لحماية عاصمتهم البترا من الجهة الشمالية، إلى أن دمره الرومان بعد غزوهم مملكة الأنباط.
استمر موقع الحصن في أداء دور عسكري عندما جاء الفتح الإسلامي المنطقة جنوب بلاد الشام، وفي سنة (509هـ/1115م) -ـ شن القائد الصليبي (الفرنجي) وحاكم مدينتي الرها والقدس بلدوين الأول حملة عسكرية على منطقة جنوب شرق البحر الميت وشرع ببناء قلعة في موقع الحصن النبطي في إطار مشروع عسكري لتقوية الحضور العسكري الصليبي (الفرنجي) في المنطقة، وأطلق على البناء الجديد اسم "مونتريال" بمعنى "جبل الملوك".
تنبه المسلمون لخطورة سيطرة الصليبيين على الطريق التجاري فوجه الوزير الفاطمي طلائع بن زريك سنة (552هـ/1157م) حملة إلى الشوبك في عهد القائد الصليبي (الفرنجي) موريس عادت محملةً بالغنائم.
بعد ذلك أراد صلاح الدين تأمين طريق الحجاج والقوافل التجارية التي كانت تتعرض للنهب من قِبل الصليبين (الفرنجة) فجرت معركة حطين سنة (583هـ/1187م) انتصر فيها المسلمون على الصليبيين (الفرنجة) وكان صلاح الدين قد أسند مهمة محاصرة قلعة الشوبك إلى أخيه الملك العادل فسقطت في يده سنة (585هـ/1189م).
كان لقلعة الشوبك ثلاثة أسوار متتالية، السور الخارجي: يرتكز على صخر كبير تنبع منه ثلاث عيون ماء، والسور الثاني: كان مزروعاً بالقمح يكفي احتياجات القلعة مدة سنة كاملة. وقد تهدم السور الثاني واندثر وربما كان بمحاذاة البرج المربع، ويبدو أنه كان يؤدي أكثر من وظيفة فبالإضافة إلى النواحي الدفاعية وزراعة القمح كان يحول دون انجراف تربة الجبل الذي تقوم عليه القلعة.
وللقلعة مدخل وحيد يقع في الزاوية الجنوبية الشرقية للقلعة وهذا المدخل متعرج من النوع المنكسر أو غير المباشر يتخلله درج منحوت في الصخر ينتهي عند القلعة ببوابة يعلوها قوس عليها باب حديدي. وهناك بوابة داخلية بنيت هذه البوابة في الفترة الصليبية، في حين بني القوس الذي يعلو البوابة من قبل الأيوبيين، أبعادها 2,20× 4,30م، يحيط بالقلعة تسعة أبراج مختلفة الشكل.
من الداخل يوجد في القلعة العديد من العناصر المعمارية أهمها:
(الكنيسة السفلى، مصنع الصابون، الكنيسة العليا، القبو أسفل الكنيسة العليا، المسجد، السوق، المدرسة، القاعة الصليبية، قاعة الاستقبال الأيوبية و نفق عين ماء الرغاية) كما تميزت عمارة قلعة الشوبك بظهور مجموعة من النقوش العربية زينت مجموعة من الأجزاء المعمارية في القلعة وعكست نماذج مميزة من فن الخط العربي مثل الثلث والنسخ.
القيمة الاستثنائية للموقع
تعتبر قلعة الشوبك وما حولها من الشواهد التاريخية المهمة على العديد من الأحداث الهامة التي تعود إلى عصور وفترات وحقب زمنية مختلفة لأكثر من 800 عام نظرًا لموقعها الاستراتيجي والدفاعي المهم. حيث شهدت العديد من المعارك والحروب والمعاهدات بشكل عام خصوصاً في العصور الوسطى (الصليبية، الأيوبية، المملوكية، العثمانية) كونها في الأساس منشاة عسكرية ونقطة حماية ومراقبة تعمل على حماية القوافل والطريق التجاري الذي يربط بين الجزيرة العربية واليمن مع بلاد الشام وشمال أفريقيا. كما تميزت قلعة الشوبك بنشاط تجاري إقليمي في الفترات الإسلامية، من خلال مصنع الصابون والذي كان يصدر منتجات الصابون إلى جميع مناطق حوض البحر الأبيض المتوسط.
تتميز قلعة الشوبك بتصميمها الدفاعي الفريد والذي يظهر من خلال التحصينات الدفاعية التي أنشئت منذ الفترة الصليبية والفترة الإسلامية المتوسطة مثل وجود ثلاثة أسوار متتالية ومجموعة من الأبراج ونفق الرغاية الذي ساهم بصمود موقع القلعة لفترات طويلة من الحصار العسكري. كما تتميز القلعة بتصميمها الحضري المميز وغير المنتظم، حيث تتضمن داخل أسوار القلعة كنائس وسوق تجاري وقاعة صليبية اندمجت مع القصر الأيوبي لاحقًا والذي بني على يد صلاح الدين الأيوبي ومسجد وقاعة استقبال كبيرة.