accessibility

المسجد الخضري، توثيق للعمارة الدينية الإسلامية المبكرة في قلب البادية الأردنية

المسجد الخضري… توثيق للعمارة الدينية الإسلامية المبكرة في قلب البادية الأردنية

 

في خطوة جديدة نحو تعزيز الوعي بالتراث الحضاري الإسلامي في الأردن، تداول عدد من ناشطي مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرًا مقاطع فيديو تُبرز المسجد الخضري، أحد أبرز المعالم الدينية الإسلامية في البادية الشمالية الشرقية، والذي يُعد نموذجًا فريدًا للعمارة الإسلامية المبكرة التي امتازت بالبساطة والتجرد من الزخرفة، تعبيرًا عن روح الإسلام الأولى المرتكزة على العبادة.

 

ويُجسّد المسجد، الذي يقع في منطقة الحرة البازلتية الصحراوية على بُعد 65 كم شمال شرق بلدة الصفاوي و55 كم شمال غرب الرويشد، أحد أقدم أماكن العبادة الإسلامية المكتشفة في المنطقة، ويعكس التكيف المعماري والثقافي للمجتمعات البدوية الإسلامية الأولى، التي شيّدت مساجدها بما يتلاءم مع بيئتها القاسية وأسلوب حياتها البسيط.

 

وبالتعاون بين دائرة الآثار العامة وفريق مشروع مسوحات البادية، تم اكتشاف المسجد الخضري لأول مرة عام 2015، حيث أظهرت الدراسات الأثرية وجود أكثر من 100 نقش عربي إسلامي على جدران المسجد، توثّق لحضور ديني مبكر وتُعد من المصادر الأصيلة لفهم مرحلة مهمة من تطور العمارة الدينية الإسلامية في البادية الأردنية.

 

لاحقًا، خضع المسجد في عام 2018 لعمليات توثيق شاملة، شملت تحليل النقوش والهيكل المعماري ضمن دراسات متخصصة استهدفت فهم ملامح وتوجهات العمارة الإسلامية في البيئات الصحراوية.

 

ضمن توجه دائرة الآثار العامة لتبني أحدث الوسائل التقنية في توثيق الإرث الثقافي، نُفذت أعمال تصوير ثلاثي الأبعاد (3D) للمسجد خلال موسمي 2020 و2024، ما وفّر نموذجًا رقميًا دقيقًا يُسهم في حفظ هذا المعلم الفريد وتسهيل دراسته من قِبل الباحثين في الداخل والخارج. ويُشرف على أعمال التوثيق والدراسة فريق مشروع مسوحات البادية بقيادة الدكتور علي المناصير من الجامعة الهاشمية، وبالشراكة مع دائرة الآثار العامة، في إطار جهود مشتركة تهدف إلى الحفاظ على هذا المعلم التاريخي الذي يُعد شاهدًا حيًا على العمارة الإسلامية المبكرة، ويعكس الإبداع المعماري والروحي للمجتمعات الإسلامية في البيئات النائية.

 

ختامًا، تُثمن دائرة الآثار العامة التفاعل المجتمعي الواسع مع هذا المعلم التاريخي، وتؤكد استمرار التزامها بالحفاظ على الإرث الحضاري الأردني، من خلال دعم مشروعات التوثيق، وتعزيز التعاون مع الجامعات والمؤسسات البحثية، لضمان نقل هذا التراث الغني إلى الأجيال القادمة.

كيف تقيم محتوى الصفحة؟